المدير
الساعة : نسخة المنتدى : فريقي المفضل : الدوله : المزاج : متصفحك : عدد المساهمات : 737 نقاط : 1056 السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 06/11/2012 MmS :
| موضوع: أيها العاصي ...لا تقنط من رحمة الله الأحد يونيو 02, 2013 2:12 pm | |
|
إن بين الإنسان والشيطان عداوة قديمة سببها حسد الشيطان للمنزلة العظيمة التي أكرم الله بها أدم عليه السلام فأسجد له الملائكة , فتسبب ذلك في كيد ومكر مستمر من الشيطان لذرية أدم إلى يوم القيامة , ولقد توعد الشيطان ابن ادم بالغواية وأقسم ليجتهدن في صرفه عن الخير ما استطاع إلى ذلك سبيلا قال تعالى (قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) الحجر (40) , أي بما أصابني من فتنة بسبب خلق أدم وبما تسبب لي من لعنة فإني لن أدخر حيلة لإغواء بني أدم في كل أمر إلا من أخلص منهم في عبادتك واستمسك بدينه .
وقد حذر الله كثيرا من فتنة الشيطان وأنه يحمل في نفسه حقدا وكراهية لكل مسلم فلذلك يجب الحذر والحيطة من خطواته واستدراجه , قال تعالى ( يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) الأعراف (27) , ومن فتنته أنه يراقب الإنسان في كل مكان ويطلع عليه وعلى عوراته إلا من ذكر الله وقال بسم الله فإن الله يجعل بين نظره وعورة المؤمن حجابا فلا يراه , فكيف السبيل بهذا العدو الذي لا ينفك عن المتابعة لك بالليل والنهار بحيث لا يمل عن المطاردة ويسعى لمحاربتك و يتتبع كل ثغرة ضعف لينال منك .
إن الشيطان يعمل على تزيين المنكرات لأبن أدم بكل أنواعها من شرب الخمور والقمار وارتكاب الفواحش والكذب وقتل النفس التي حرم الله بغير حق وغيرها من كبائر , قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) المائدة(91) , فكل معصية يقع فيها ابن أدم هي من تزيين الشيطان ومن استدراجه حتى يقع فيها ويداوم عليها , ومن رحمة الله أن العاصي لا يجد لذة تامة في اقترافه المنكرات بل هي لذة مؤقتة منقطعة ثم يزداد الواقع فيها بعد زوال نشوتها هما وكمدا وضعفا فيعمد بعد ذلك لمعاصي أخرى لعلها تنسيه وتخفف عنه الضنك الذي أصابه بسبب ما سلف من معاصي , ولن تستقيم له نفسه الخطائه وترجع لعافيتها وحيويتها حتى يبتعد عن خطوات الشيطان ويترك المعاصي والذنوب ويقلع عنها , قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) الأحقاف (13) , أي أن المؤمنين ستنشرح صدورهم ويذهب عنهم الهم والخوف والحزن كلما استقاموا وساروا على هذا الطريق , وقال تعالى في أية أخرى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) النحل (97) , أما الذي يصر على المعاصي فقد توعده ربه بضيق الصدر والكآبة في النفس , قال تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) طه (124) , وضيق الصدر يكون مطبقا عليه في الدنيا فلا ينفك عنه .
إن القلب هو بيت الطمأنينة فإذا أطمئن القلب هدأت الجوارح وسكنت النفس وزال الكدر , ولن تسكن الطمأنينة في قلب إنسان حتى يتخلى عن المعاصي وبعد أن يتصالح العبد مع ربه ويزداد في فعل الطاعات قال تعالى (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد(28) , فكيف يطمئن القلب وهو يعصي الله بالليل والنهار ولا يذكر الله إلا قليلا , وكيف يطمئن القلب وهو يتتبع خطوات الشيطان ويتخذه صاحبا و خليلا , إن المصالحة الحقيقية هي في الإتباع الصادق لدين الله والعمل بأوامر الله والصبر على قضاء الله , فهنا يحيا القلب ويتواصل مع ربه فإذا صلح القلب صلح سائر الجسد , روى البخاري بسند صحيح عن النعمان بن بشير قال , قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحلالُ بيِّنٌ، والحرامُ بيِّنٌ، وبينهما مُشَبَّهاتٌ لا يعلمُها كثيرٌ من الناسِ، فمَنِ اتقى المُشَبَّهاتِ استبرَأ لدينِه وعِرضِه، ومَن وقَع في الشُّبُهاتِ : كَراعٍ يرعى حولَ الحِمى يوشِكُ أن يواقِعَه، ألا وإن لكلِّ ملكٍ حِمى، ألا وإن حِمى اللهِ في أرضِه مَحارِمُه، ألا وإن في الجسدِ مُضغَةً : إذا صلَحَتْ صلَح الجسدُ كلُّه، وإذا فسَدَتْ فسَد الجسدُ كلُّه، ألا وهي القلبُ " , وهذا الحديث يدل على أهمية القلب وأثره على سائر الجسد فبقدر ما يكون القلب صحيحا نقيا متعافيا من المعاصي فكذلك يكون الجسد مستغرقا في راحة وسكينة .
ولكن غالب الذين يقعون في الذنوب لبس عليهم الشيطان وصدهم عن التوبة , وأوحى للمذنبين أن الله لا يغفر الذنوب بعد فعلها ليستمروا عليها وينتقلوا إلى غيرها , ويعتقدون أن الخلاص والتوبة منها لا تكفي عند الله في الصفح عن المذنب , وما درى هذا المسكين أن الله يغفر كل ذنب يتوب منه الإنسان حتى الشرك بالله إذا تاب منه وتركه وجدد إيمانه فإن الله يبدل سيئاته حسنات وكل ذلك قبل أن يموت , قال تعالى ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر (53) , والله يحذر من الاستمرار في المعاصي وأنها طريق النار قال تعالى ( وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ) الزمر (54) , فعلى المؤمن أن لا يقنط من رحمة الله وأن يعود إلى أبواب التوبة ويدخل فيها فإنها مفتحة لا تغلق دونهم حتى تخرج الشمس من مغربها أو حينما يحضر الواحد منهم النزع أي حينما تغرر الروح في الحلقوم , فعلى من أسرف على نفسه أن يبادر إلى التوبة ولا يتأخر فلا يعلم متى تفاجئه ملائكة الموت فلا ينفعه حينئذ توبة , قال تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) النساء(18) , أي أن التوبة لا تقبل من مرتكب السيئات وهو يؤخر إلى أن يحضره الموت , ولا الذي كان كافرا طيلة حياته ثم إذا كان يحتضر قال أمنت بالله فهذان الصنفان يغلق دونهم باب التوبة وتختم أعمالهم على ما كان عليه قبل الاحتضار .
على المؤمن أن يكون واثقا بعفو الله فيلجأ اليه في كل حين ويسأله الصفح والغفران ويمد يديه بالدعاء إلى ربه يطلبه الرحمة فإن الله لا يخيبه ولا يرده , ولا يقول أني أسرفت كثيرا في المعاصي وليس لي توبة بل إن الله غفور رحيم ويقبل التوبة من عباده , قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى(25) , فلا يتمادى أهل الباطل في باطلهم بل عليهم أن يقفوا ويراجعوا أنفسهم ويعودوا من قريب , فسيجدون الله يصفح عما صدر منهم ويبدل سيئاتهم حسنات , قال تعالى (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) الفرقان (70) .
تدارك أخي المسلم لطف الله ورحمته بالعباد ولا تحرم نفسك من مغفرته وأطلبه الصفح عما مضى وافتح صفحة جديدة مع ربك وجدد عهدك بالله واستمسك بحبل الله المتين وكن واثقا بحفظه ورعايته لك , فسترى كيف بعد ذلك تتبدل حياتك من شقاء إلى سعادة ومن كدر إلى صفاء ومن ضيق إلى سعة ومن كآبة إلى طمأنينة وسينقبض عنك الشيطان وسيفر إلى غير رجعة وستجد لذة الحياة في طاعة الله وحلاوة الإيمان في قلبك , وفقنا الله وإياك لنيل مرضاته والفوز بجناته .... والحمد لله رب العالمين . | |
|
ملك الحصريات
الساعة : الدوله : المزاج : متصفحك : عدد المساهمات : 154 نقاط : 154 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 03/06/2013 العمر : 44
| موضوع: رد: أيها العاصي ...لا تقنط من رحمة الله الإثنين يونيو 03, 2013 7:24 am | |
| شكرا على المشاركه الرائعه وفى انتظار كل جديد | |
|
فارس الخطابي
الساعة : عدد المساهمات : 41 نقاط : 54 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 26/07/2013
| موضوع: رد: أيها العاصي ...لا تقنط من رحمة الله الأحد يوليو 28, 2013 6:20 am | |
| شكرا وبارك الله فيك موضوع مميز و جميل دوم البداع وتميز في مواضيعك الجميله و المميزه تقبل وادي احترامي و تحياتي | |
|