كيف تستعد الفتاة للزواج ؟
إن الزواج في كل مجتمع هو أمر فطري يتم بين الجنسين للتكامل وللحاجة الطبيعية عند البشر للتناسل , وكل جنس يبحث عن رفيق دربه المناسب ليكملا رسالة الحياة في التكاثر والوراثة , فلا بد من أن يخلف الجيل السالف جيلا جديدا يواصل المسيرة ولا بد من وجود من يحمل راية البقاء في الحياة وعمارتها على الأرض وبدون التزاوج الطبيعي بين الجنسين تقل البشرية وتنتهي إلى الزوال والفناء , ولقد غرس ربنا سبحانه وتعالى انجذاب الرجل للمرأة وحاجة المرأة للرجل من أجل التكامل الطبيعي وهذه غريزة متواجدة عند الجنسين , قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) النساء (1) .
إن عنصر المرأة جزء رئيسي من هذا الزواج وعلى الفتيات مسؤولية التكيف مع الحياة الجديدة أي حياة الزوجين ولن تتمكن من ذلك إلا بوضع خطة تسير عليها وتعمل على تطبيقها قبل الارتباط بالشريك الجديد وإلا سينفك الارتباط عاجلا وسيفشل ذلك الزواج رغم دعم الأسرة لهما , فهنا نضع بعض التوصيات الموجزة التي قد تفيد الفتاة في حياتها الجديدة و نهديها لكل فتاة .
أولا / على الفتاة ترك العزلة الأسرية والانزواء في إحدى غرف البيت بعيدة عن مشاغل البيت اليومية , بل عليها الانخراط في الأعمال المنزلية حتى تشعر بحياة الزواج المستقبلية ومن اجل أن تستشعر حجم الحمل الذي ينتظرها , أي عليها أن تشارك في أعمال المنزل من غسيل وطبخ وكنس وغيرها من واجبات بيتيه ولو جزئيا حتى لا تتفاجئ بالأعباء المنزلية بعد الزواج .
ثانيا / تتعلم فن التنسيق المنزلي والترتيب بحيث تشرف متطفلة على ترتيب غرفة والدتها وتنسيقها وإضافة بعض اللمسات عليها لتجعلها أكثر جاذبية , وتقترح بعض الاقتراحات في بعض التغييرات في أثاث المنزل وتحويل أوضاع بعض الكنبات لإضافة بعض التغيير والتجديد في المنظر , وهو نوع من لمسات الذوق تضيفه لنفسها لتستفيد منه في المستقبل و لتتعلم كيف تهتم في غرفة نوم زوجها وفي بيتها الجديد فتكتسب مهارات تطبقها لاحقا .
ثالثا / حسن استقبال ضيوف أمها الزائرات والقيام بتجهيز المنزل لهن وكأن الضيوف قادمون من أجلها , وتشرف على تحضير ما يلزم لهن من ضيافة وصنع بعض الكعك والحلويات للتقديم , وهذا باب واسع لإكرام الضيف وكسب ود الأم ورسم صورة جيدة عن نفسها أمام الأمهات .
رابعا / الاهتمام والعناية بالأطفال في أسرتها ومساعدة الأم في تنظيف الرضيع وتحضير الحليب الخاص به ورعايته في أوقات الفراغ وهذه دورة لكل فتاة للتعرف على الحياة الزوجية وما يلحقها من رعاية الأطفال من قرب وبواقعية وسيوضح لها الرؤية المشوشة في المستقبل عن حياة الأطفال .
خامسا / فتح النقاشات مع الأخوان الشباب والحوار معهم في قضايا أسرية من أجل التعلم على كيفية إدارة النقاش والنجاح فيه مع زوج المستقبل الذي سيكون تفكيره قريبا من تفكير كل شاب , فإذا نجحت الفتاة في فتح حوار مع الأخوة وإغلاقه من غير شجار وفتنة فعليك أن تضعي لنفسك درجة امتياز في إدارة الحوار , ولا يعني الحوار هو الانتصار على الخصم بل الحوار هو الاستفادة والإفادة من الطرف الأخر في جو هادئ بعيدا عن التوتر حتى لو لم نصل لقناعة متبادلة في ذلك الموضوع .
سادسا / يجب على الفتاة المشاركة الفعالة في المناسبات الكبيرة كمثل تجهيز خطوبة لأخ أو لأخت ومعرفة لوازم هذه المناسبات فقد تحتاجين لمزيد من المعرفة لتخطي عقبات وأخطاء المناسبات الكبيرة قبل أن يصلك الدور , ولن تتيسر لك بسهولة إلا بالمشاركة الفعالة .
سابعا / على الفتاة التواصل مع كل فتاة تزوجت حديثا من أقاربها أو صديقاتها , ومن المناسب أن يكون قد مضى عليها سنة أو سنتان على الأقل لمعرفة المصاعب الحيوية في السنة الأولى وكيف تم التغلب عليها , فأن تبدأ الفتاة من حيث انتهوا بشكل صحيح خيرا من تكرار نفس الأخطاء .
ثامنا / هناك دورات توعوية بسيطة تقدمها أخوات فاضلات لهن دور بارز في تثقيف الفتيات المقبلات على الزواج , و بعض تلك الدورات لا تتجاوز أسبوع من الزمن و فيها من المعلومات الكثير , وفيها كشف لكثير من مطبات الزواج وبيان لمسببات الطلاق التي يجب تجنبها , فحضور هذه الدورات والاستفادة منها مهم جدا .
تاسعا / يوجد في المكتبات كتب كثيرة فيها توجيهات تفيد الطرفين في كيفية التعاطي مع المشاكل الزوجية, فيحسن بالفتاة كثرة القراءة والإطلاع قبل أن يكون الخاطب على الأبواب.
عاشرا / توطين النفس لمصاعب الزواج وإقناع النفس بثقل المسؤولية هو الخيار الصحيح , أما أن تعيش في الخيال البعيد وتجزم أنها لن تمر بصعوبات ومنغصات فهذا أمر محال , فليس المال هو حلال العقد , فكم سمعنا من بنات من بيوت ثرية تطلقن سريعا ولم يجدن السعادة مع أولائك الأثرياء وكم أميرات طلقن من أزواجهن بعد أشهر قصيرة وربما أسابيع ولم تعرف طعم الزواج , والسبب أنها تزوجت وقدمت نفسها لشريك حياتها على أنها ابنة وزير وليست زوجة وهناك من تقدم نفسها وتتزوج على أنها موظفة قبل أن تكون زوجة , وهذا النوع من الفتيات يعشن في أبراج عاجية بعيدة عن الواقع .
ومن القصص الجميلة أن أحد أبناء الأثرياء أخذ زوجته الجميلة في نهاية شهر العسل إلى منطقة الجنوب بعد أن انتهوا من التجوال في أربعة دول أوروبية فقالوا نختم بالسياحة الداخلية في منطقة عسير فزار صديق له من التجار في تلك المنطقة ونزلوا ضيوفا عنده أربعة أيام في قصره فقدموا لهم بعض الأكلات الشعبية ومنها العريكة فطلبت هذه العروس الغض الطرية من صاحبة البيت أن تصف لها طريقة تحضير تلك الأكلة التي أعجبتها فما كان من المضيفة إلا أن جرتها بيدها إلى المطبخ وقالت سنصنع العريكة سويا الليلة , ثم بعد زمن قصير ناداها زوجها مشتاقا لها فخرجت عليه في غرفة خاصة وهي مشمرة عن يديها و ملطخة بالعجين فقد كانت تعجن وتخبز في التنور , فقال لها زوجها متعجبا ينظر إليها ماذا تصنعين فأجابت نصنع لكم عريكة , فتعجب منها أنها أقدمت على هذه التجربة وهي بنت الدلال والثراء ويعرف عنها أنها لا تحسن طبخ شيء أسهل من العريكة ولكن كل العجب الأكثر أنها قبلت المشاركة والتعلم ولم تتكبر وتناست أنها ابنة ثري وزوجة ثري.
فعلى الفتاة أن تفكر جديا في وضع الزواج وتقدم نفسها على أنها زوجة قبل كل شيء ثم تتكيف مع مكانتها الاجتماعية فتدمجها مع وضعها الجديد وتجعلها تابع للمسمى الجديد (زوجة أولا ) , فهي أولا زوجة ثم موظفة , وزوجة أولا ثم ثرية , وزوجة أولا ثم بنت وزير , وهكذا , ومن حياة السيدة فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم نستطيع أن نقتبس إضاءة في حياة الزوجة المثالية التي كان زوجها رجلا بسيطا من الناحية المادية ولكنها كانت له زوجة مطيعة تخدم في بيته كمثل الخادم ولم تنظر إلى منزلة والدها نبي هذه الأمة ولم تقدم منزلتها في المجتمع على وضعها الأسري , بل هي أولا زوجة لعلي ابن ابي طالب ابن عمها ثم هي ابنة نبي وعليها أن تتأقلم وتتكيف لتمضي الحياة , فعلى الفتاة أن تنسى مكانتها الاجتماعية وحضوتها في بيت أبيها وتقدم نفسها في بيتها الجديد على أنها زوجة تريد أن تضحي وتقدم كل ما تستطيع من أجل بقاء هذه الأسرة ومن أجل حياة كريمة لأطفالها ومن أجل تربيتهم على أفضل قدوة وتقديمهم للمجتمع كأفضل نموذج , ومن أعد لنفسه إعدادا حسنا فإنه لا محالة ينجح ويفوز بحياة هادئة مطمئنة ولن يخسر مكانته الاجتماعية بل سيكون رائدا في الجمع بين تلك المنزلتين وهنا يكمن التحدي وفق الله الجميع لما فيه صلاح بناتنا وأخواتنا وأن يوفق الجميع لخوض تجربة الزواج والإبحار بتلك السفينة بسلام .... والحمد لله رب العالمين .
الرئيسية
موضوع: كيف تستعد الفتاة للزواج ؟ 
